دعا وزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش أمام الجامعة العربية الخميس إلى: مقاربة قضايا الأمن القومي العربي، ليكون البيت العربي هو المرجعية لحل كل خلاف يقع بين جدرانه، بعيداً عن أية تدخلات خارجية، وقال: إن العرب أنفسهم هم الأجدر والأقدر على حل قضاياهم ومشاكلهم، و تجارب العقود الماضية أكدت عقم الحلول الخارجية التي تحكمها مصالح وتدخلات إقليمية ودولية. فماذا يقول واقع التدخلات الخارجية في المنطقة، ومن الذي يستدعيها على شكل قواعد عسكرية واتفاقيات دفاع والدخول في تحالفات؟

ماذا يريد أن قول قرقاش؟

مطالبة قرقاش السابقة أراد توجيهها - بحسب مراقبين- للتقارب التركي السعودي تحديدا، وقد سبق أن انتقد هو وإعلاميون إماراتيون مثل خلف الحبتور هذا التقارب صراحة ونددوا به، وكانت أبوظبي خلف اجتماع سابق للجامعة العربية لإدانة "التدخل" التركي في العراق. والمفهوم من دعوة قرقاش هو رفض التدخلات الأجنبية وحل الأزمات داخل البيت العربي، وجعل مصر في عهد الانقلاب هي المرجعية والإطار لحل المشكلات العربية، وقد تحدث قرقاش عن ذلك صراحة أيضا، وتم اقتراح تشكيل القوة العربية المشتركة.

التدخلات الخارجية "المرغوبة" 

بالنسبة لدولة الإمارات، ولدول أخرى مثل مصر والبحرين كما سيظهر بعد قليل، فإن هناك نوعين من التدخلات الخارجية، تدخلات مرغوبة وأخرى مرفوضة، والمعيار بين قبول بعض التدخلات ورفض الآخر هو مصالح هذه الدولة أو تلك.

الفريق ضاحي خلفان، سبق أن انتقد وفي مرات عديدة ما اعتبره خذلان إدارة أوباما لدول الخليج سواء في الملف الإيراني أو في الثورات العربية، ودعا خلفان لتنويع الحلفاء فتوجهت أبوظبي إلى روسيا وإلى بوتين الذي أشاد به خلفان، معتبرا أنه "رجل مخابرات من الطراز الأول".

وفي 2013 قال ولي عهد أبوظبي "روسيا قوة عظمى تتحمل مسؤولية كبيرة عن جيرانها". وفي الوقت الراهن، وإن التزمت أبوظبي الصمت إزاء العدوان الروسي وهو أقبح أشكال التدخل الخارجي فإن نظام الانقلاب أعرب عن تأييده للعدوان، بل ويصفه بكل صراحة ووضوخ "بالتدخل الروسي". بل إن دول عربية منعت توجيه أي إدانة "للتدخل الروسي" في سوريا.

والأسبوع الماضي أكد نائب الرئيس الأمريكي ومن قلب أبوظبي على التدخل الأمريكي في المنطقة قائلا:  إنه سيناقش مع المسؤولين في الدولة "علاقتنا الإستراتيجية والدور الهام الذي تلعبه الإمارات في بسط الأمن والاستقرار في كل المنطقة". وأضاف: "معاً سنحارب داعش والقاعدة في أي مكان، ومن خلال مجلس التعاون الخليجي، نسعى لتعزيز مجهوداتنا لننسق رؤية إقليمية متحدة لمجابهة التحديات الماثلة في سوريا، والعراق، واليمن وليبيا، ومعاً سنعمل على إجهاض المؤامرات الإرهابية، والتصدي للأفكار الهدّامة". 

ومن جهته شدد الشيخ محمد بن زايد على دور واشنطن والتحالف الدولي في إرساء الاستقرار الإقليمي أثناء لقائه بايدن، وهذا هو أحد أوجه استدعاء التدخلات الخارجية في المنطقة.

كيف يستدعون التدخلات الخارجية

التدخل الخارجي هو هدف لبعض دول المنطقة وتعلن عن ذلك بطرق مباشرة وغير مباشرة، وبكل وضوح وبكلام عربي مبين. فالتخويف من الإرهاب هو أحد المبررات الأولى والكبرى التي تسوقها أنظمة في المنطقة لاستدعاء التدخلات الخارجية، والغريب أن بعض الجماعات الإرهابية تحقق هذه التخوفات بتفجير هنا أو هناك، فيحارب الإرهاب، حتى أن سوريا وليبيا من الدول النادرة في العالم التي تشهد غارات وقصف جوي من معظم جيوش العالم. 

المبرر الآخر الذي يستدعون لأجله التدخلات الخارجية، هو التدخلات الإقليمية، وغالبا يقصدون التدخل الإيراني ومؤخرا التدخل التركي، أما التدخل الإسرائيلي فليس مدرجا على لائحة الاهتمامات.

في مارس 2015، قال قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعد أن طلب مساعدة واشنطن في الحرب على الإرهاب في سيناء، "إن المنطقة تواجه ظروفا صعبة وإن الرأي العام يريد أن يرى ردا كبيرا من الدول القادرة على تقديم المساعدة".

وفي مارس 2013، قال  ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، “وقد تساءل والدنا عن سبب اتخاذ بريطانيا لذلك القرار من جانب واحد قائلاً: لماذا: هل طلب منكم أحد الذهاب؟ وفي الحقيقة ظل التواجد البريطاني حاضراً ومن دون أي تغيير في جميع الأغراض الاستراتيجية والعملية، ونحن نظن بأننا لن نستغني عنه”.

وحاليا، تجري أبوظبي والقاهرة محاولات حثيثة لإقناع إيطاليا بالتدخل عسكريا في ليبيا، بزعم محاربة الإرهاب. 

القواعد العسكرية الأجنبية

ملف القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة يمكن الاستطراد فيها بصورة كبيرة للغاية، وهي إحدى صور التدخل الأجنبي. الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي أشاد أواخر العام الماضي في أبوظبي بأن أول قاعدة عسكرية فرنسية خارج الأراضي الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية كانت في دولة الإمارات. 

ومعظم دول الخليج تستقبل هذه القواعد العسكرية.