أحدث الأخبار
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد
  • 06:56 . العفو الدولية تحث على منع أبوظبي من تسليح الدعم السريع... المزيد

الإنسان الحقيقي

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عائشة سلطان
توقفت كثيرا عند هذا التعبير «الإنسان الحقيقي» وحين شرحه صاحبه قال: أقصد الإنسان الذي لا يخلو من الأفكار الساطعة التي تميزه عن غيره، الذي يمتلك قناعاته ورؤاه الخاصة، ذلك الذي يمكنه التعبير عن نفسه بثقة وقوة واقتحام، لأنه مؤمن بنفسه ولأنه تعب كثيراً ليكون ما هو عليه. 

في الحقيقة لقد راق لي هذا الوصف، وتمنيت أن أحظى دائماً بفرصة الجلوس والحديث مع هذا النوع من الناس، لكن الواقع يفاجئك حين تجلس مع كثيرين فتتحول الأحاديث الى عملية اجترار تشبه الى حد كبير عملية إعادة إنتاج الورق المستعمل لآلاف المرات، الأصعب حين تتوقع أحاديث ونقاشات مختلفة فتجد الناس يقولون كل شيء الا ما يتوجب أن يقولوه أو يعبروا عنه ببساطة !

عادة ما تفقد المجتمعات طبيعتها الإنسانية كلما أوغلت في المدنية والتطور والإعجاب بالحداثة والتقنية، ففي نهاية الأمر تظل التقنية وسيلة لا أكثر، أما حين نضعها محل الإنسان فلن نتوقع الكثير من الإنسانية حتماً، سيتحول الإنسان تدريجياً الى كائن يتحدث بأصابعه ، لا يفكر كثيراً أو بمعنى أدق لا يستخدم عقله في معظم الوقت، لا يتحدث ولا يتفقد جهة صدره اليسرى، ليتأكد إن كان ثمة دوي في صدره أم لا، هل افتقد شقيقه الذي لم يره منذ شهور، هل اطمأن على والدته، هل يعلم إن كانت جدته على قيد الحياة بعد أم غادرت ؟ هل لا زال جاره العجوز يقطع الطريق إلى المسجد كعادته خمس مرات في اليوم أم أقعده المرض والعمر ؟؟ الذي يتماهى مع الآلة يتحول أغلب الظن الى أكثر من آلة، لأن الآلة صنعت آلة لا تزيد ولا تنقص أما الإنسان فيبذل جهداً مضاعفاً ليتفوق عليها !

الإنسان الحقيقي تصنعه الظروف الحقيقية، الحياة الحقيقية، الناس والأصدقاء والآباء والأمهات والتفاصيل الحقيقية، يولد في بيت عادي، يكبر، يواجه الظروف، يعاني، يقرأ، يتحدى، يجتهد ليصنع غده ومستقبله، يملأ نفسه بالتصميم والإرادة، يزود شخصيته بالكثير من الأدوات التي تعينه على اجتياز دروب الحياة الصعبة، في نهاية الأمر لا يوللد كعجين الكيك الرخو ولا يتقولب في أوان من الكريستال، الإنسان الحقيقي هو الذي يؤسس كيانه من كل ما يحيط به، هذا لا يعني أن يكون من جنس الملائكة ولا يعني أن يكون مثاليا فاضلاً بالمطلق، لكنه بالتأكيد لا يكون مضطراً ليكون شخصاً آخر، وللأسف فكثيرون ممن نلتقيهم يحاولون بل يجتهدون بقوة كي لا يكونوا هم، يلبسون أقنعة ليخفوا حقيقتهم، ليزيفوا طرقاتهم وأهدافهم ، ليرسموا ابتسامات وضحكات وكلاما لا يعنونه لكن الظروف تتطلب أن يقولوه، ويظلون طيلة النهار يرسمون خيالاً وشكل شخص لا يمت لهم بصلة حتى ينسوا في النهاية من هم وماذا يريدون بالضبط !

الإنسان الحقيقي يبدو واضحاً للجميع، لا لبس ولا ضبابية في حدوده وملامحه وشكله، خريطة مخه واضحة، تضاريس قلبه واضحة، ولشدة وضوحه يصفه ميلان كونديرا بالكائن الذي لا تحتمل خفته، وأول من لا يطيقه ولا يحتمله أولئك المزيفون، كثيرو الادعاء من لابسي الأقنعة، الإنسان الحقيقي يسير وحيداً معظم الوقت لكنه لا يشعر بوحشة الطريق أبداً، ربما لأنه يمشي في طريق آمن رغم وعورته، ولقد اتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الأمان هو المطلب الأكثر إلحاحاً وضرورة وأن معظم الناس مستعدة لتقايض الدنيا بقليل من الأمان.