أحدث الأخبار
  • 01:09 . تحليل: صعود نفوذ الإمارات جنوب اليمن يضع السعودية أمام معادلة أكثر تعقيداً... المزيد
  • 12:45 . "الأبيض" يحلق إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب الجزائر... المزيد
  • 10:27 . وزيرا خارجية عمان وتركيا يبحثان تعزيز الشراكة وتطورات المنطقة... المزيد
  • 10:27 . بريطانيا تفرض عقوبات على أربعة من قادة قوات الدعم السريع بينهم شقيق دقلو... المزيد
  • 10:26 . حكومة الإمارات تصدر تعديلات جديدة على قانون الجرائم والعقوبات وسط انتقادات حقوقية مستمرة... المزيد
  • 05:36 . قمة كروية مرتقبة في ملعب البيت.. "الأبيض" يواجه الجزائر في ربع نهائي كأس العرب... المزيد
  • 01:59 . وفاة سبعة فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي... المزيد
  • 01:58 . الإمارات والاتحاد الأوروبي يطلقان مفاوضات لإبرام شراكة استراتيجية شاملة... المزيد
  • 01:57 . أمريكا " تضغط" للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف النار وإلزام الاحتلال بإزالة الأنقاض وإعمار غزة... المزيد
  • 01:54 . السعودية تُصعّد إعلامياً ضد المجلس الانتقالي.. رسالة غير مباشرة إلى الإمارات؟... المزيد
  • 01:50 . عراقجي يعتزم زيارة بيروت بعد امتناع وزير خارجية لبنان عن زيارة طهران... المزيد
  • 01:47 . دبي.. السكان يشتكون من تأجير المواقف وفرض غرامات "غير قانونية"... المزيد
  • 08:26 . سياسي فرنسي يتهم أبوظبي باستهداف حزبه الرافض لمحاربة الإسلاميين... المزيد
  • 02:35 . ترامب يعلن احتجاز الولايات المتحدة ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا... المزيد
  • 11:52 . الرئيس السوري يتقبل أوراق اعتماد سفير أبوظبي لدى دمشق... المزيد
  • 11:34 . الإمارات تدين بشدة مداهمة الاحتلال مقر "الأونروا" في القدس... المزيد

الحياة داخل علبة!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عائشة سلطان
تفاجئني بعض الأسئلة، توقفني وتربكني، تجعل تلك الإجابة السهلة جداً أكثر من عصية، بعض الأسئلة ضرورية كالحياة نفسها، وأزعم بأن الحياة تصير كالماء حين لا نطرح عليها أية أسئلة، والماء برغم ضرورته إلا أنه بلا لون ولا طعم ولا رائحة، ليست الأسئلة فقط، فحتى بعض الإجابات أيضاً تبدو حارقة ومؤلمة، ولكنها تحتاج إلى رحلة عميقة في المعنى، وما يقود إليه ذاك المعنى كي نفهمها جيداً، تذكرت واحدة من قصص الأطفال كنت قد قرأتها منذ زمن طويل، يسأل الملك ابنته الوحيدة عن مقدار حبها له، فتجيبه بأنها تحبه كالملح! وهنا تتدخل زوجة والدها لتلعب على التباسات المعنى، فتوغر قلبه ضد ابنته، فيطردها ولا يعود يحتمل صحبتها، وتعاني الكثير جراء تلك الإجابة الحقيقية، وحين يفهم الملك المعنى الذي يحيل إليه الملح، يكون قد مضى زمن طويل على شقاء الفتاة!
 سألتني صديقة: متى آخر مرة رأيت فيها البحر؟ فتفاجأت بأنني لا أتذكر متى كان ذلك، وسألتني متى رأيت نجوماً تلتمع في السماء، فأكملت سؤالها، بل قولي متى كانت آخر مرة رفعت فيها رأسي لأتأمل السماء ليلا؟ هل لا يزال الناس يتأملون السماء ويعدون النجوم ويتصايحون، كما كنا نفعل صغاراً، حين كنا نشير إلى ذلك النجم الساطع ونقول ببراءة مضحكة “تلك نجمتي”؟ أتذكر فيما بعد أننا كنا نجلس في فناء البيت في بعض الليالي التي تنقطع فيها الكهرباء، ولتمضية الوقت، كنا نستلقي، هكذا ببساطة، كل يتوسد رجل أخيه أو حضن والدته، وكنا نتحدث لا نرى بعضنا، لكننا نبحلق في السماء، ونرى أن النجوم صارت أقل التماعاً، تلك الليالي لم تعد موجودة والكهرباء ما عادت تنقطع ولله الحمد!

بعضهم يحسدك لأن الكهرباء لا تنقطع عندك، في حين أن الكهرباء زائر عزيز لديه، بالكاد تأتيه لساعة أو ساعتين، وبعضهم سيتهمك بالبطر، لأنك تتمنى الظلام، لتمارس غراماً مع السماء والنجوم الساطعة، في حين أن الناس ما عادت تعرف فائدة النجوم التي في السماء أصلاً! بينما أنت لا تتحدث انطلاقاً من منطق سلبي لا يرى النعم الظاهرة والسابغة التي يتمتع بها، بقدر ما للحديث صلة بعلاقة الإنسان بما حوله، بالطبيعة وبالتفاصيل، وبحياة مختلفة خارج العلبة، نعم العلة التي نتحرك فيها طيلة الوقت، بحيث لا نتمكن من رفع رؤوسنا لنرى السماء، وبحيث لا نمشي في الشارع لنتذوق معنى حياة الشارع، وهنا فمفهوم حياة الشارع لا يقصد به المفهوم السلبي أو السيئ بقدر ما يقصد به تفاصيل الحياة والناس والعلاقات والحركة بشكل عام !

أُعطي شاب قلماً وورقة وطُلب منه أن يرسم شكل الحياة التي يعيشها، فرسم علبة كبيرة بداخلها علبة أصغر فأصغر وهكذا! وحين طلب منه أن يشرح ذلك، قال لهم: المنزل المغلق علبة مقفلة علينا، حين نخرج منها فإننا لا نتحرك سوى بضع خطوات لندخل علبة أخرى هي السيارة مثلا، ثم نغادرها لعلبة أخرى هي مؤسسة العمل ونعود لعلبة السيارة لنغادرها لعلبة كبيرة هي المركز التجاري أو... إن أغلب الناس لا يتحركون خارج هذه العلب وهم -لاعتيادهم - لا يجدون في الأمر أي إشكال من أي نوع، في حين أن هذا النوع من الحياة - الحياة داخل علبة- يفقدك الكثير من شروطك الإنسانية دون أن تنتبه، فيتحول الأمر إلى اعتياد يلغي الضروري والمفترض والإنساني، تماماً كأولئك الذين يسكنون على مقربة من المطارات ويعتادون على ضجيج الطائرات ثم وبالتدريج لا يعودون يشعرون به!