أحدث الأخبار
  • 01:09 . تحليل: صعود نفوذ الإمارات جنوب اليمن يضع السعودية أمام معادلة أكثر تعقيداً... المزيد
  • 12:45 . "الأبيض" يحلق إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب الجزائر... المزيد
  • 10:27 . وزيرا خارجية عمان وتركيا يبحثان تعزيز الشراكة وتطورات المنطقة... المزيد
  • 10:27 . بريطانيا تفرض عقوبات على أربعة من قادة قوات الدعم السريع بينهم شقيق دقلو... المزيد
  • 10:26 . حكومة الإمارات تصدر تعديلات جديدة على قانون الجرائم والعقوبات وسط انتقادات حقوقية مستمرة... المزيد
  • 05:36 . قمة كروية مرتقبة في ملعب البيت.. "الأبيض" يواجه الجزائر في ربع نهائي كأس العرب... المزيد
  • 01:59 . وفاة سبعة فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي... المزيد
  • 01:58 . الإمارات والاتحاد الأوروبي يطلقان مفاوضات لإبرام شراكة استراتيجية شاملة... المزيد
  • 01:57 . أمريكا " تضغط" للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف النار وإلزام الاحتلال بإزالة الأنقاض وإعمار غزة... المزيد
  • 01:54 . السعودية تُصعّد إعلامياً ضد المجلس الانتقالي.. رسالة غير مباشرة إلى الإمارات؟... المزيد
  • 01:50 . عراقجي يعتزم زيارة بيروت بعد امتناع وزير خارجية لبنان عن زيارة طهران... المزيد
  • 01:47 . دبي.. السكان يشتكون من تأجير المواقف وفرض غرامات "غير قانونية"... المزيد
  • 08:26 . سياسي فرنسي يتهم أبوظبي باستهداف حزبه الرافض لمحاربة الإسلاميين... المزيد
  • 02:35 . ترامب يعلن احتجاز الولايات المتحدة ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا... المزيد
  • 11:52 . الرئيس السوري يتقبل أوراق اعتماد سفير أبوظبي لدى دمشق... المزيد
  • 11:34 . الإمارات تدين بشدة مداهمة الاحتلال مقر "الأونروا" في القدس... المزيد

كلمات حق يراد بها باطل

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 05-10-2019

كلمات حق يراد بها باطل | القدس العربي

أصبح من الضروري في أيامنا الصعبة المعقدة التي نعيشها عبر الوطن العربي كله، أن نكون حذرين تجاه بعض الكلمات التي يكثر استعمالها مؤخرا في قاموس الخطاب السياسي العربي. فعلى سبيل المثال لاحظت أثناء محاضراتي عن الشؤون العربية القومية العامة، وسبل الخروج من كوارثها استعمال كلمة «التجديد» بصورة متكررة. البعض يطرح أمر تجديد الفكر القومي، والبعض الآخر يطرح ضرورة تجديد الفكر الإسلامي، إلخ من التجديدات المطلوبة.
لكن المطالبين بالتجديد، لا يحددون جوانب وموضوعات التجديد، الأمر الذي يلقي ظلال الشك على كل ما جاء به ذلك الفكر من مبادئ وحلول، ويضعف إيمان المواطنين، وعلى الأخص الشباب والشابات منهم، بذلك الفكر على إطلاقه. 

وهذا بالضبط ما يسعى إليه التآمر الاستعماري ـ الصهيوني، الذي يسعى إلى إبعاد الشباب العربي عن كل الأفكار الثقافية العربية المشتركة الكبرى، التي تسعى إلى مواجهة التراجعات والأخطار الكارثية في حقول السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع.
فلو أخذنا المطالبة بتجديد الفكر القومي، هل حقا أن الجانب الوحدوي، وحدة الأمة والوطن العربي الكبير، الذي هو أحد الممرات الرئيسية الضرورية لتعافي الأمة من تخلفها الحضاري، وضعفها الاقتصادي والأمني، وهوانها أمام أعدائها الكثيرين، هل حقا أنه يحتاج إلى مراجعة؟ إذا كان المطلوب هو تجديد وسائل ومراحل تحقيق ذلك الهدف القومي، فهذا أمر طبيعي ومقبول، نظرا لتغير الظروف وتعقدها.

 أما إذا كان المطلوب هو تجديد الهدف، وهذا في الواقع سيعني التراجع والقبول بقدر التجزئة والتفتيت لهذه الأمة ولهذا الوطن، فإننا هنا أمام تراجع مذهل في مواضيع هوية الإنسان العربي وتاريخه وآماله المستقبلية المشروعة، بل نحن أمام محاولة التهميش للوجود العربي في حضارة العصر.

أما إذا كان التجديد المطلوب هو إضافة مبادئ الديمقراطية ومكوناتها وممارساتها لتصبح جزءا أساسيا من الفكر القومي، الذي لم يعطها الأهمية الكافية في الماضي، بل اعتبرها البعض ترفا بورجوازيا في وجه المطالب السياسية والاقتصادية الثورية، فإن هذا هو تجديد مطلوب وضروري. 

وهذا ما فعله مثلا مركز دراسات الوحدة العربية، عندما نشر مقترحه المسمى «المشروع النهضوي العربي»، إذ جعل الديمقراطية أحد أعمدة ذلك المشروع.
كذلك، مثلا، لاحظت استعمال كلمة «الآخر» بدون انتباه إلى أن مفهوم الآخر قد تغير بصورة جذرية، ففي الماضي كان الآخر هو الإنسان الغربي، بفكره وعاداته وممارساته السياسية الاستعمارية على الأخص، لكن الحاضر العولمي يقول بأن «آخرين»، وعلى الأخص آسيويين جدد، يصعدون ويحيطون بنا. فهل مواقفنا وتعريفاتنا وشكوكنا السابقة تنطبق على الواقع الجديد؟ وإذا كان الجواب سلبا فما هي المحددات والفروق بين «الآخر» القديم «والآخر» المضاف الجديد؟ 

ذلك في عوالم الفكر والنظريات، ولكن ماذا عن استعمالات متنامية للخلط الواضح المقصود لكلمتي: الشرعية» و»المشروعية». فما أن تخرج مظاهرات جماهيرية احتجاجية ضد مسائل الظلم والفساد والاستبداد والأوضاع المعيشية المتردية، في هذا القطر العربي أو ذاك، حتى ينبري الإعلام الرسمي المهول وبعض الإعلام الخاص البذيء اللسان برفع كلمة «لامشروعية» تلك المظاهرات، بحجة أن هناك قوانين تمنع خروج تلك المظاهرات، أو أن الأوضاع الأمنية حساسة وحرجة. لكن هؤلاء ينسون بأن المشروعية القانونية التي يشيرون إليها يجب أن تخضع لمنطوق كلمة أخرى، وهي كلمة «الشرعية».
فإذا كان النظام شرعيا، أي منبثقا من إرادة الناس بحرية ونزاهة، وبقبول عام، وعن طريق ممارسة ديمقراطية شفافة لا تلاعب فيها، فإن المشروعية القانونية التي يتحجج بها، وترفع في وجوه الجماهير، هي بالفعل مشروعية يجب أن تحترم ويؤخذ بها، لأنها شرعية ومعبرة عن إرادة عامة وقبول حر عام.

 أما إذا كانت هناك ألف علامة من التساؤلات والشكوك حول شرعية السلطة، وحول كفاءتها في إدارة أمور البلاد والعباد، وحول مقدار توازن مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحول مقدار وجود توازن عقلي وخلقي ونفسي عند بعض قادتها الأساسيين، فإن رفع شعارات وتهديدات القوانين التي توصف بالمشروعة مملوء بالانتهازية وبممارسة القول الشهير: كلمة حق يراد بها باطل».
هناك أمثلة كثيرة لكلمات أخرى لا تسمح محدودية المقال بذكر أغلبيتها، مما تمتلئ الساحة السياسية العربي بها على الأخص، وهي كلمات مليئة بالغموض ومستعملة بانتهازية من قبل كتاب مدفوعي الأجر بصورة خاصة. والهدف منها هو خلط الأوراق والمفاهيم والأهداف في ذهن الإنسان العربي، وعلى الأخص الجيل الجديد،
ذاك الجيل، الذي ينغمس في عمليات التواصل الاجتماعي بصور متنامية، ويعتمد على ذاته في فهم الخطابات العامة، يحتاج أن يطرح ألف سؤال حول كل كلمة يشتم منها بأنها استعملت للتضليل والإدخال في عوالم التيه الفكري والسياسي.