أحدث الأخبار
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد
  • 06:56 . العفو الدولية تحث على منع أبوظبي من تسليح الدعم السريع... المزيد

متى أوان الاستراتيجية الثقافية العربية؟

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 20-07-2019

متى أوان الاستراتيجية الثقافية العربية؟ | القدس العربي

منذ أربعة عقود تقريبا وضعت المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (أليكسو) استراتيجية شاملة تقدمية للثقافة العربية الواحدة. كان وراء ذلك الحماس الملتزم بالهوية العروبية المشتركة وكل تجلياتها الثقافية، العديد من وزراء التربية وكبار موظفي الجامعة العربية وأليكسو المثقفين العضويين الملتزمين بوحدة أمتهم العربية ووطنهم العربي الكبير.
لكن حكومات تلك الفترة، المنشغلة بخلافات وصراعات السياسة وأيديولوجياتها، وببناء قبضات الأمن الحديدية، لم تعر تلك الاستراتيجية اهتمامها المطلوب، فكان أن دخلت الأدراج وطواها النسيان، كما طوى غيرها من الاستراتيجيات الكثيرة الأخرى في شتى الحقول.
مرت ثلاثون سنة تقريبا قبل أن ينتبه رؤساء الدول العربية لأهمية الموضوع ويقرروا في اجتماع إحدى قممهم سنة 2010 ضرورة عقد قمة ثقافية عربية لصوغ رؤية ثقافية مستقبلية للدول العربية، وبطلب من أليكسو ودائرة الثقافة في الجامعة العربية، بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي ومجموعة منتقاة من المثقفين العرب، وضع استراتيجية ثقافية لتقدم إلى اجتماع القمة الثقافية في المستقبل القريب.
لكن ما أن بدأت الاجتماعات لوضع ذلك الطلب موضع التنفيذ، حتى انفجرت حراكات وثورات الجماهير العربية في العديد من الأقطار العربية سنة 2011، فتوقف تنفيذ المشروع، بفعل دخول الأنظمة والمجتمعات العربية في خلافات وصراعات، وجنون الجحيم الذي نكتوي جميعا بنيرانه إلى يومنا هذا. تراجعت أهمية الثقافة أمام الصعود المذهل للسياسة العبثية اللامسؤولة، وللأمن العنفي غير المنضبط، وللإرهاب الجهادي التكفيري المدعي صفة الإسلام زورا وبهتانا وتطاولا، ولاستباحة وطن العرب من قبل الاستعمار والصهيونية واستخباراتهما، وللخلافات الطائفية والعنصرية والقبلية الطفولية.

ومع تراجع الثقافة انزوى المثقفون، إما في منافي الهجرة، وإما في زبونية السياسة وانتهازياتها، وإما في عزلة اليأس والقنوط وتدمير الذات. ولم يبق إلا القليل ممن مازالوا يقبضون على الجمر بصبر وإصرار ومسؤولية. أمام مشهد محبط كهذا يجب أن يطرح سؤالان مفصليان:
الأول: هل آن الأوان، كجزء من لملمة الحياة العربية المنهكة، للرجوع إلى محاولة وضع تصور لاستراتيجية ثقافية عربية وتقديمها إلى اجتماع قمة للرؤساء العرب في القريب العاجل، فلعل ذلك يقنعهم بأن الثقافة يمكن أن تكون أحد مداخل إرجاع العافية للجسد العربي؟
والثاني: هل حقا يرجى من أناس ساهم منهم، بقصد أو بدون قصد، في الدمار المادي والمعنوي الذي حلّ بأرض العرب وبشر العرب، أن ينقذوا الثقافة، بعد أن فرطوا في السياسة والاقتصاد والاجتماع؟
بصراحة ليست لديّ شخصيا إجابات شافية مقنعة لهذين السؤالين المتحديين للعقل وللضمير وللالتزام القومي، غير أن المسؤولية القومية تحتم على (أليكسو) أن تطرح على نفسها السؤال الأول على الأقل، وأن لا تسمح لنفسها أن تقف عاجزة أمام ما حل من علل وتشوهات بالثقافة العربية الجمعية، من جراء جرائم ومجرمي الخارج والداخل. أما الجواب على السؤال الثاني فليتركوه لمؤسسات المجتمعات العربية المدنية المناضلة، فهي كفيلة وقادرة على أن تتعامل مع الملابسات التي تحيط به، طال الزمن أم قصر، من خلال نضالها السياسي السلمي التراكمي. وتاريخ وتضحيات هذه الأمة عبر العصور شاهدا على ذلك.

نحن الآن أمام ثقافة جمعية يريد لها البعض أن تدخل في صراع عبثي مع الثقافات الفرعية، تمهيدا لإيجاد تمزقات وتشظيات اجتماعية تقود إلى إضعاف الهوية العروبية الجامعة الممتدة في أعماق الزمن، وعلى امتداد الجغرافيا العربية، أمام ثقافة يراد لها أن تكون في تضادد بليد مع ثقافة العصر وثقافات الآخرين، لتصبح منغلقة على ذاتها وغارقة في سلفيتها، أمام ثقافة مليئة بالثنائيات المتصارعة، بسبب الخوف من كل تجديد، أمام ثقافة يراد لها أن تكون بعيدة عن المعرفة العلمية والعقلية، ولكن قريبة من سطحية وشعاراتية وهذرية الإعلام المظهري النفعي المفقر للعقل والروح، أمام ثقافة غير نقدية ولا تجاوزية تجتر ذاتها سنة بعد سنة من قبل مؤسسات تعليم فاشلة مرعوبة. ولذلك تقف حائرة أمام الثقافة العولمية المليئة بالعلل والأخطار بدون قدرة على الصد أو الحماية الندية.
من هنا، وخوفا على التكوينات العقلية الفكرية والشعورية والروحية لشباب وشابات المستقبل العربي، نحتاج للرجوع إلى موضوع الثقافة العربية من جديد، بعد أن فعلت السنون والأحداث بهذه الثقافة الأمل والنهوض ما فعلت، ولنبدأ من حيث أجبرتنا الأحداث الكارثية على التوقف.