اشتكت إدارات مدارس خاصة من تفشي ظاهرة تسرب المعلمين من مؤسساتهم التعليمية بنسبة تصل في بعض الأحيان إلى 40 بالمائة وفقاً لبعض مديري المدارس، وقالوا إنها صارت أمراً مؤرقاً نظراً لما تحدثه عملية الاستقالات المفاجئة من إرباك في سير العملية التعليمية، ووصفوا بعض المدارس بأنها تحولت إلى ما يشبه المراكز التدريبية، مطالبين بوضع ضوابط متكاملة تبدأ من التوقيت والآلية، وتحديد سقف أدنى لبقاء المعلم في المدرسة.

وعزا عدد ممن استطلعنا آراءهم عدم ثبات المعلمين في مدارسهم أكثر من عام أو عامين إلى تدني الأجور، ورغبتهم في الحصول على فرص وظيفية بمخصصات مالية أفضل، في وقت تفرض عليهم ظروف المعيشة والغلاء البحث عن بديل في ظل رواتب متدنية، مطالبين المدارس التي تشهد عدة استقالات بمراجعة أوضاعها.

حرمان الطلبة

في البداية قال إبراهيم بركة مدير مدرسة الشعلة الخاصة إن مسألة تسرب الكوادر التدريسية، تضر بصورة أساسية بمصلحة الطالب، مشيراً إلى أن بعض المعلمين يقدمون الاستقالة ويتركون المدرسة ما يؤدي إلى حرمان الطلبة من استكمال المنهج ، ما يؤثر بشدة في انتظام العملية التعليمية.

وقال ينبغي منع انتقال المعلمين خلال العام الدراسي لأن الطالب هو من يدفع الثمن، مقترحاً حد أدنى لبقاء المعلم في المدرسة الواحدة، والحصول على موافقة المدرسة التي يعمل بها.

إهدار تربوي

وقال طارق عبدالحميد مدير مدرسة خورفكان النموذجية إن التسرب هو إهدار تربوي، مشيراً إلى أن المعلم فور حصوله على الخبرة وتطوير مستواه المهني الذي يتحقق من خلال الدورات التدريبية التي يخضع لها يقوم بالبحث عن بديل أفضل ويقدم استقالته بشكل مفاجئ فور تلقيه عرضاً أفضل، مشيراً إلى أن ذلك يضر بسير العملية التعليمية، كما يكبد المدرسة خسائر نتيجة ما تكلفت به من أجل تمكين المعلم من الأدوات اللازمة، داعياً إلى إيجاد ضوابط منظمة وملزمة.

مراكز تدريبية

وأوضح عزت الجلامنة مدير مدرسة سلمان الفارسي أن المدارس تحولت إلى مراكز تدريبية يتلقى فيها الخريج بعض المهارات وينال خبرة يضعها في سيرته الذاتية ليجد لنفسه مدرسة براتب أفضل، وذكر أن من 30 إلى 40 بالمائة من الكوادر العاملة لا يمكن الاحتفاظ بها وتتغير بشكل سنوي، مطالباً الهيئات التعليمية وقطاعات التعليم الخاص بالسماح برفع رسوم المدارس الخاصة وتحديداً ذات الرسوم الدراسية المتواضعة .

مدارس بديلة

وأعاد معلمون بحثهم عن مدارس بديلة إلى ضعف رواتبهم التي لا تتجاوز 4 آلاف درهم إضافة إلى ضغط العمل وأعبائهم التي تجعل من بيئة العمل ضاغطة و«طاردة» لافتين إلى أن بعض المدارس تحاول إغراءهم بالبقاء من خلال رفع طفيف للرواتب لكنه يبقى «دون الطموح» ولا يفي بمتطلبات الحياة.

ويرى عبدالكريم الأسطل بحكم خبرته التربوية أن الحل يكمن في سن تشريع يرفع سقف الحد الأدنى لرواتب المعلمين وتحسين مستواهم الوظيفي، وأعاد الاستقالات المتزايدة والنزيف الذي تشهده بعض المدارس وتحديداً ذات الرسوم البسيطة إلى الرواتب الضئيلة، راهناً القضاء على تنقل المعلمين بين المدارس برفع الأجور.

مكانة اجتماعية

ويرى فادي أبو دية الذي كان يعمل في مدرسة تتبع المنهاج الأمريكي وانتقل إلى وظيفة أخرى أنه من حق المعلم كأي موظف البحث عن مستوى معيشي يليق بمكانته بالمجتمع، لكننا بالمقابل نتفق على أن تسرب الكوادر أثناء العام الدراسي وحتى في نهاية العام الدراسي يسبب إرباكاً للمدرسة وتعطيلاً للعملية التعليمية ولكن اللوم هنا لا يقع على عاتق المدرس فقط بل تتحمل إدارات المدارس الجزء الأكبر كونها تقوم بتعيين المعلمين على رواتب ضعيفة للغاية لا تسد الاحتياجات المعيشية الخاصة بهم وبأسرهم، ودعا إلى تحديد سقف أدنى للرواتب.

تسرب

يرى الدكتور فارس الجبور مدير مدرسة الأهلية الخيرية للبنين أن المدارس التي تمنح رواتب مجزية لا تعاني من تسرب كوادرها وتتسم دوماً بثبات العاملين لديها من كوادر تعليمية وإدارية ما يخلق حالة من الولاء والترابط في جسم العمل المدرسي.