أحدث الأخبار
  • 06:15 . غالبيتهم أطفال.. الخارجية السودانية: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على كدفان إلى 79 مدنيا... المزيد
  • 01:10 . كيف تحافظ أبوظبي على قربها من الولايات المتحدة بينما تتحاشى مواجهتها؟... المزيد
  • 12:50 . جيش الاحتلال يشن غارات عنيفة وينسف مباني سكنية بأنحاء متفرقة من غزة... المزيد
  • 12:46 . قتلى في تبادل لإطلاق النار على الحدود الأفغانية الباكستانية ليل الجمعة... المزيد
  • 12:40 . بينها الإمارات.. دول عربية وإسلامية ترفض حديث "إسرائيل" بشأن معبر رفح... المزيد
  • 12:20 . نيويورك تايمز: سيطرة الانتقالي على حضرموت تكشف مساعي أبوظبي لبناء هلال بحري على ساحل اليمن... المزيد
  • 11:51 . السعودية تطالب قوات تدعمها أبوظبي بالخروج من حضرموت بعد السيطرة عليها... المزيد
  • 01:26 . "التوطين": أكثر من 12 ألف بلاغ عمالي سري خلال تسعة أشهر... المزيد
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد

تحديث مجلس التعاون الخليجي

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 08-12-2017

اما وأن مجلس القمة لدول مجلس التعاون الخليجي قد انعقد في الكويت، فإن من الضروري أن يدرك القادة المجتمعون بأن مناسبة هذا الاجتماع، تحت الظروف المعقدة الخطرة التي نعيشها، كانت مناسبة متميزة إلى أبعد الحدود عن كل المناسبات السابقة.
وإذا كانت مؤسسات المجتمعات المدنية في كل تلك الدول، لم تفصح بما فيه الكفاية عن النتائج التي تنتظر أن يسفر عنها هذا الاجتماع التاريخي، فلأن هشاشة هذه المؤسسات، وضعف صوتها في الحياة العامة هو السبب في وجود ذلك الضعف في الإفصاح. لكن تاريخ مسارات حياة تلك المجتمعات قد عبّر بأشكال كثيرة عما تموج به تلك المجتمعات من مشاعر وآمال وثوابت، بحيث سيحتاج القادة إلى أخذها بعين الاعتبار أثناء مداولاتهم وساعة اتخاذ قراراتهم في الحاضر والمستقبل.
فأولا، إن الغالبية الساحقة من مواطني دول المجلس لن تقبل، تحت أية ذريعة كانت، بتفكيك مجلس التعاون أو إضعافه أو حرفه عن أهدافه، التي سطّرها النظام الأساسي عند قيام المجلس. العكس هو الصحيح، فالمواطنون ينتظرون أن تجري حوارات صريحة وموضوعية وناقدة لكل الأخطاء والخطايا التي ارتكبت في الماضي، أيا تكون الجهات وأيا يكون المسؤولون، والاتفاق على تصحيح كل ذلك. والحوارات الأهم هي المستقبلية التي ستجنب المجلس حدوث خضات وخلافات عميقة تُدخل المجلس في دوامة الصراعات والإعلام المبتذل بين الدول من جهة، وتشوه العلاقات والمشاعر القومية في ما بين شعوب المجلس من جهة أخرى. ويستطيع القادة، لتجنب أي حرج يخافونه، تكوين مجموعة من المؤرخين والمفكرين والفاعلين السياسيين، بالتنسيق مع أمانة المجلس، لإجراء مراجعة تحليلية نقدية تركيبية لمسيرة المجلس منذ إنشائه، ولتقديم توصيات لتجنب الأخطاء، ولوضع أسس ومحددات تحكم العلاقات في داخل المجلس.
وبصراحة، فلن يغفر المواطنون لمن يضع أية عراقيل أمام وضع المجلس مستقبلا في المسارات التنموية والسياسية والالتزامات القومية العربية الجامعة الصحيحة. إذ تكفي الأخطاء التي ارتكبت في الماضي بحق النهوض الحضاري والتنمية الإنسانية الشاملة المطلوبين، والتزامات دول المجلس القومية تجاه أمتها العربية، وعدم ارتهان أي من دوله لقوى الخارج الاستعمارية والصهيونية والإقليمية الطامعة، أو ارتباطها بأي شكل كان بقوى الجنون الجهادي الإسلامي الإرهابي، نكاية بهذه الجماعة أو بذاك النظام.
وثانيا، إذا كان المسؤولون في دول المجلس يريدون حقا تحديث وعصرنة الحياة في دولهم، كما تشير إليه الاستراتيجيات والتصريحات، فإن الحداثة الفاعلة المنسجمة مع متطلبات حضارة العصر تتطلب كأولوية قصوى بناء توازن صحيح مستقر في ما بين سلطة الدولة ومجتمعها. فالسلطة هي توازن ندي في ما بين القوى السياسية والاجتماعية في المجتمعات، ومن أجل قيام ذلك التوازن لابد من وجود مجال سياسي نشيط مستقل حديث، والانتقال لإلباس الشرعية بالديمقراطية، والتزام الدولة بمسؤولياتها الاجتماعية تجاه كل مواطنيها، خاصة فقراءها وذوي الحاجة فيها، والقبول الدستوري والقانوني بتمثيل المجتمع الاجتماعي والسياسي لدى الدولة من أجل أن يكون المجتمع متوازنا مع سلطة الدولة وقدراتها الهائلة.
مناسبة ضرورة الدعوة لمثل ذلك التفكير السياسي بالنسبة للدولة والمجتمع، هي انتقال دول مجلس التعاون في الآونة الأخيرة من دول معنية في الأساس بأمورها الداخلية، والتركيز على بناء نفسها المادي والاقتصادي، انتقالها إلى رغبات ومحاولات، بما تحمله من مخاطر والتزامات اقتصادية وعسكرية هائلة، للعب أدوار ثقيلة معقدة في المجالات العربية والدولية. إن تلك الرغبات والمحاولات للعب أدوار جديدة ستعني في النهاية تحميل المجتمعات والشعوب عبئي نجاحاتها، ولكن أيضا أعباء فشلها وانتكاساتها. من هنا فإن علاقات العصبية والأبوية التي قامت عليها دول مجلس التعاون منذ عقود، أي بعد حصولها على استقلالها من سيطرة القوى الاستعمارية، ما عادت كافية لبناء دول حديثة. هنا يجب التذكير بأن الدول والمجتمعات ليست اقتصادا فقط، بل إنها تاريخ وهويات وثقافة وعلاقات اجتماعية، وطموحات مستقبلية وتقاسم للخيرات وتعاضد في الملمَات. وضع معقد كهذا يحتاج إلى أكثر من راع ورعية، من والد وأبناء، من ولاء لهذا العصبية أو تلك ومن شرعيات تاريخية لا تتطور مع الزمن ومع روح العصر الذي تعيشه.
فالشرعية التاريخية ستحتاج إلى روافد وروافع مجتمعية، سياسية ونقابية ومهنية وثقافية، لكي تبعد نفسها عن الابتزازات الدولية العولمية، أو الانبهارات المضللة المشوشة بهذه الشخصية السياسية الدولية أو تلك. إن المواطنين يرغبون بصدق ومحبة واشفاق، الخروج من أحوال الجحيم الذي عاشته مجتمعاتهم في السنين الأخيرة. إنهم يريدون وحدة دول مجلسهم لمواجهة العواصف. إنهم يريدون أن يلعب مجلسهم دورا قوميا عروبيا متساميا في نهضة أمتهم العربية وفي حماية وطنهم العربي الكبير، لكن ذلك يحتاج إلى مراجعة حقيقية للأسس الحديثة التي يجب أن تقوم عليها العلاقة المتوازنة ما بين سلطة الدولة وسلطة المجتمع. لعل الآلام والدموع والدماء العربية التي لطخت جبين أمتنا العربية في الآونة الأخيرة تدفع جميع أقطار الوطن العربي لبناء تلك العلاقة المتوازنة التي تحدثنا عنها.