أحدث الأخبار
  • 11:48 . احتجاجات في جوروجيا ضد خطط بناء تنفذها شركة إماراتية... المزيد
  • 11:33 . "التعاون الخليجي" يستنكر تصريحات إيران حول جزر الإمارات المحتلة... المزيد
  • 11:22 . الغارديان: استيلاء حلفاء أبوظبي على جنوب اليمن يمثل انتكاسة كبيرة للسعودية... المزيد
  • 11:02 . أوكرانيا.. إصابة سبعة أشخاص على الأقل جراء قصف روسي بالمسيرات... المزيد
  • 10:47 . الأبيض الأولمبي يفوز على اليمن بثلاثية في كأس الخليج بقطر... المزيد
  • 10:46 . بينما يحتفي المطورون العقاريون بـ2025.. "نزوح صامت" نحو الإمارات الشمالية ومخاوف من "طوفان المعروض"... المزيد
  • 12:10 . تقرير: دبي دفعت 23 مليون دولار لمتشددين في مالي مقابل إفراجهم عن شيخ من آل مكتوم... المزيد
  • 08:54 . قطر تؤكد رفض تحمل تكلفة إعمار غزة نيابة عن "إسرائيل"... المزيد
  • 08:39 . إلقاء القبض على زعيم عصابة أوروبية كبيرة في دبي... المزيد
  • 07:15 . نتنياهو: المرحلة الثانية من خطة غزة اقتربت... المزيد
  • 01:02 . صحيفة إسرائيلية: ترامب يضغط بشدة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة... المزيد
  • 12:32 . الكويت تقرر سحب الجنسية من الداعية طارق السويدان... المزيد
  • 10:43 . "الأبيض" يحصد أول نقطة في كأس العرب بالتعادل أمام مصر... المزيد
  • 10:34 . "الأمن السيبراني" يحذر من تزايد التهديدات الإلكترونية على الأطفال... المزيد
  • 10:30 . السلاح الكندي في أيدي "الجنجويد".. هل تضحي أبوظبي بسمعة الإمارات لخدمة مغامرة السودان؟... المزيد
  • 06:15 . غالبيتهم أطفال.. الخارجية السودانية: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على كدفان إلى 79 مدنيا... المزيد

هل يجب أن تكون الثورات واقعية؟

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 02-08-2016


عندما نسرد تاريخ البشرية يحلو لنا أن نسرده على شكل قصة صراع ممتد بين الخير والشر، نحب دوماً أن نرسم حالة هزيمة مطلقة للشر أو انتصار له مغلف بالخبث والمكر والخداع، وكذلك هي نظرتنا للتغير السياسي حول العالم، فهو إما انتصار للشعوب على الطغاة، أو انتصار للطغاة على الشعوب، وفي الغالب تكون هذه الثنائية غير دقيقة، ففي كثير من الأحيان حين ينتصر «الشعب» يكون الضحية هو الشعب نفسه، خذ على سبيل ذلك تصويرنا الرومانسي للثورة الفرنسية التي انتهت بمقاصل يشنق عليها المواطنون الفرنسيون وعساكر الثورة تحرق المحاصيل في الريف، لا يعني ذلك أن حكم الملكية كان برداً وسلاماً على الفرنسيين ولكن الرواية المثالية لانتصار قيم الحرية والمساواة على الظلم والاستعباد غير حقيقية، احتاجت فرنسا بعد ذلك إلى حقبتين إمبراطورية وملكية ثانية حتى تصل إلى شكلها الجمهوري الحالي.
هذه الصورة المثالية حكمت قراءتنا لفترة الربيع العربي، تصوراتنا رسمت لنا عالماً عربياً جديداً مزدهراً وعادلاً، الواقع كان مغايراً، العالم العربي اليوم أقل ازدهاراً وأكثر ظلماً إذا أخذنا نظرة عامة، إذن هل نكفر بالإصلاح؟
 بعض المفكرين العرب أصيبوا بحالة إحباط عامة دعتهم إلى ذلك، حتى أن أحدهم كتب ما معناه أنه يجب على الأجيال القادمة الابتعاد عن مطالب الإصلاح ومقاومة الغرب بدعوى أن الخصم أكبر من أن تواجهه الشعوب، وتلك طبعاً نظرة سطحية قاصرة لما نتج عن الربيع العربي، هذه النظرة تصح عند المثاليين الذين كانت المسألة بالنسبة لهم انتقال كامل لحظي إلى أنظمة عادلة تشاركية، أما إذا نظرنا بشكل أعمق لوجدنا أن هناك بعض النماذج لمكتسبات حقيقية سيكون لها أثرها البالغ في تحديد مستقبل المنطقة.
هناك بلا شك نماذج محبطة ومؤلمة مثل سوريا واليمن وليبيا سقط فيها مئات الآلاف منذ قيام الثورة ولظروف مختلفة ودون نتائج ملموسة تذكر حتى اليوم، ولكن هناك نموذجان يستحقان التوقف عندهما على الأقل، المغرب وتونس، هذان النموذجان ينظر لهما الكثير على أنهما حالات «فشل» في تحقيق مطالب الربيع العربي، والسبب خلف هذه النظرة هو أنه في الحالتين يبدو أن الوضع بقي على حاله، في الحالة التونسية عادت القوى التي تمثل الحزب الحاكم السابق إلى السلطة وفي تونس ما زال القصر يمارس هيمنة عالية على الحكومة، ولكن إذا أبعدنا تصوراتنا لما ينبغي أن يكون عليه الوضع في الحالة المثالية لوجدنا أن الصورة أقل قتامة.
في الحالة التونسية تحقق أهم ما يمكن أن يتحقق من خلال ثورة على نظام شمولي، تداول سلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، صحيح أن أنصار نظام بن علي ورجاله عادوا للسلطة ولكنهم هذه المرة مكبلون بحالة سياسية تلزمهم بالرضوخ لصناديق الاقتراع بعد نهاية فترتهم، انتصارهم في الانتخابات أدى إلى هجر المشاريع الانقلابية الممولة خارجياً ولكنهم سيجدون أنفسهم في حالة واقع جديدة حينما تحين الانتخابات القادمة ويكون صفهم الذي توحد على أساس العداء للنهضة أقل توحداً ويكون خصمهم أكثر تنظيماً، لو أن النهضة والقوى الثورية نجحت في الانتخابات الأخيرة لكان الانقلاب عليهم سهلاً ومبرراً بالفلتان الأمني ولكن تونس اليوم تنعم بحالة استقرار وانفراج نسبي في الحريات العامة لم تشهده منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وحسب المعطيات الحالية لا يستشرف انقلاب على الديمقراطية أو الحياة البرلمانية بل يتوقع أن تفرز الانتخابات القادمة تقسيمة سياسية جديدة أكثر تعبيراً عن الواقع السياسي، حركة النهضة التي من ناحيتها تبدو اليوم أكثر استيعاباً لطبيعة الشارع التونسي فتحولها إلى حركة سياسية صرفة تمثل المحافظين في تونس بعيداً عن تصنيفات الإسلام السياسي الضيقة كان حسب مصادر الحزب استجابة لما أفرزته الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة وقراءة الواقع السياسي هناك.
في الحالة المغربية بدأ الحراك الثوري في الشارع ولكن القوى السياسية والنقابية وبعض جمعيات المجتمع المدني توافقت مع القصر على إصلاحات دستورية، منها منح سلطات واسعة لرئيس الحكومة (الوزير الأول سابقا) وانتخاب رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية والبرلمانية و..، ما جعل الحراك الشعبي يخفت في الشارع ، وبدوره تعامل القصر بشكل إيجابي القصر مع هذه المطالب ليتولى بن كيران رئاسة حكومة أغلبية برلمانية، هذا التعامل السياسي من طرف العدالة والتنمية نظر له الكثيرون داخل المغرب وخارجه على أنه خيانة للمطالب الشعبية.
واليوم تجد هذه الحكومة نفسها مكبلة خاصة في الملفات السيادية مثل الخارجية والأمن، ولكنها في المقابل تمكنت من تحقيق مجموعة كبيرة من الإصلاحات التشريعية والتنفيذية المرحلية، ربما يستمر هذا الوضع المختلط لفترة قادمة، ولكن ما لا يتصور هو العودة إلى حالة ما قبل حكومة الأغلبية البرلمانية، حزب العدالة والتنمية المغربي في آخر الاستطلاعات عزز مكانته شعبياً عكس ما توقعه مناوئوه وناقدوه الذين افترضوا أن توليه حكومة يلمز لها البعض بأنها «صورية» سيسقطها شعبياً، ولكن يبدو أن الشارع المغربي لمس إنجازات اقتصادية واجتماعية جعلته أكثر دعماً للحزب.
التحليل أعلاه قد يصطدم بتغير للوقائع على الأرض مستقبلاً، ولا شك أنه لن يلاقي قبولاً لدى الكثير من الذين يرون الحالة الثورية والإصلاحية على أنها حالة مثالية لا تقبل المساومة، ولكن الواقع السياسي في العالم العربي وخارجه يدعم الإصلاح المرحلي التدريجي كنموذج في مواجهة التغيير الشامل مع كل تجربة مطلبية أو ثورية.;