قرأت بعد هذه الموقف، كتاباً قيماً وشيقاً لكاتب أميركي وضع أصبعه على الجدلية المستمرة عبر التاريخ، الخلاف الذهني الفارق والشاسع في التعاطي مع المواقف وردات الفعل المترتبة عليها بين كل من المرأة والرجل، الكتاب صار الأشهر بعد صدوره كما حجز مكانته طويلاً على قائمة الكتب الأكثر مبيعاً حول العالم وترجم للغات كثيرة تحت اسم ذائع الصيت “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة” قرأه رجال كثيرون وقرأته نساء بلا عدد، لكن كأن أحدا لم يستفد من المعادلة التي سطرها الكاتب بوضوح شديد من خلال كم هائل من المواقف والقصص والحكايات والشروحات.
بدأ الكاتب فكرته بهذه الحكاية “ذات يوم نصحت امرأة هندية ابنتها التي تزوجت في التو قائلة: تذكري يا ابنتي انك امرأة وأنه رجل، وأنكما كائنان مختلفان كأنكما جئتما من كوكبين نائيين، ستجدين زوجك في أيام كثيرة عود من الخارج صامتا يدخل غرفته ولا يكللم أحدا، كما انه لا يريد لأحد أن يقتحم صمته، في هذه الحالة فإن الرجل يدخل كهفه لسبب ما، ويضع على باب الكهف تنيناً، فلا تحاولي أن تقتحمي الكهف بإصرار أحمق لأنه التنين قد ينفث عليك من فمه ناراً تحرقك، اتركيه في كهفه، فإنه سيخرج لا محالة وسيحدثك بكل شيء ساعة يريد.
هذه الهندية الحكيمة اختصرت المشكلة وعرفت أصلها ،الرجل اذا عاد من عمله أو من الخارج صامتا فإن هناك شيئا ما لا يريد أن يتحدث عنه ولا يريد أحدا أن يسأل عنه حتى يقوله هو ،هو يريد أن يحترم صمته، بينما المرأة تعتقد بأن الرجل يشبهها فهي اذا ضاقت ذرعا بالحياة وتأزمت فإن الكلام هو ما يريحها لا الصمت، هي تريد أن تتحدث وتريد أن تسأل عما بها ، واذا لم يسألها من حولها فسرت ذلك بعدم الاهتمام وباللامبالاة .. تتعقد الأمور في ظل التباين وتتعقد أكثر حال عدم التفهم ،الحياة كلها تحتاج منا سيرا ًباتجاه منطقة تفاهمات وسطى.