الرائع في إنسان الحداثة هو قدرته على ابتداع التغيير وعلى تقبل هذا التغيير، إن رفض التغيير من باب العناد لا يتطلب مناقشة لأنة رفض عبثي، أما رفض التغيير انطلاقاً من كونه يتعارض مع مصالح البعض أو أنه لم يأت من تحت أجنحتهم فليس سوى ضيق أفق، الأفضل من كل ذلك الاستعداد النفسي والذهني والعملي لتقبل التغيير، والعيش معه، فمنذ سنوات ونحن في الإمارات نتحدث عن الحكومة الذكية والتعليم الذكي، واستخدام البرمجيات في التعليم والحياة والإعلام، تدريجياً أصبحت الأجيال الجديدة تحمل الكتاب والجريدة ومحطات التلفزة وأفلام السينما وقاعات أسواق المال والبورصات العالمية والمطاعم معها حثما تنقلت من خلال أجهزة الهواتف الذكية، اليوم تتحدث الإمارات عن المدينة الذكية والمواطن الذي يحمل الحكومة بكل خدماتها في جيبه، الأجيال الجديدة لن تكف عن قراءة الجريدة والخبر وعمود الرأي والكتاب، لكنها ستقرأ ذلك من خلال الهواتف وأجهزة الكمبيوتر اللوحية.
وطالما أن الصحف الورقية ستختفي، فإن التلفزيونات ستتغير، وكذلك محطات الإذاعة، كيف ستتغير أو كيف ستكون؟ لا نملك جواباً لكننا نؤكد بحسب سيرورة التطور أن ذلك سيحدث بكل تأكيد، ففي الإمارات تعلم جيل الأربعينيات في مدارس كانت عبارة عن غرف خشبية خالية من أي معدات أو إضاءة أو كهرباء أو كراسي، تلك كانت مدارس القرآن التقليدية (أو الكتاتيب)، فهل كانوا يتوقعون أو يستشرفون يوماً سيتعلم فيه أحفادهم عبر الهواتف والكمبيوترات اللوحية، نحن لم نكن مستعدين لهذا اليوم، الذي أصبحت فيه كل مؤسسات الحكومة على لوح متناه في الصغر، لكن هذا اليوم أتى في نهاية الأمر، فهل نحن مستعدون لزمن انقراض الصحف؟ في الحقيقة نحن نستعد فعلاً بكل هذه الحركة الديناميكية التي تتعامل مع العصر وتقنياته بمنتهى المرونة والاستيعاب.