وأتفق مع الرجل فيما طرح حول “التغير المستمر في المناهج الدراسية في التعليم الخاص”، وأهمية وجود معايير ثابتة تحدد المواد التي يتم تدريسها حالياً في التعليم الخاص مع وجود طلاب مواطنين وغير مواطنين، ومنها مناهج ربما تحمل توجهات وأفكاراً ومعتقدات قد تسيء لقيم الإمارات وتؤثر في أبنائها وأفراد المجتمع. والحالة التي ذكرتها مجرد صورة لما تفرزه هذه الفوضى من تشتت لدى الناشئة.
إن قضية المناهج التي كانت تعاني الحشو وارتفعت الأصوات تطالب باختصارها والتخفيف منها، وجدت نفسها في خضم ما يجري حالياً أمام واقع جديد يتمثل في اختيار كل شركة تعليمية المناهج الملائمة لها وللبيئة الأصلية التي انطلقت منها. وتحت مسمى مدارس الجاليات وجدنا خليطاً من المناهج غير مستقرة المضمون ولا واضحة التوجهات والأهداف، وكثير منها لا يمت لواقع أو بيئة الإمارات، بل ويحمل مضامين سلبية عنها.
وبعض هذا التفلت في المناهج انتقلت عدواه إلى المدارس والكليات والجامعات الحكومية، وقد جاء قرار مجلس الوزراء الموقر في جلسته الأسبوع الماضي باعتماد تشكيل لجنة تطوير مادة التربية الوطنية برئاسة جمال خلفان بن حويرب، وعضوية خولة المعلا ومحمد خلف المزروعي، والدكتور علي بن تميم، وممث من المجلس الأعلى للأمن الوطني، جاء ليؤكد الأولوية اتي يحظى بها هذا الأمر الذي يعد امتداداً لتعزيز الهوية الوطنية وتأصيل جذور قيم المجتمع الإماراتي في نفوس طلبة المدارس، سواء الحكومية أو الخاصة بجميع مناهجها، خاصة ونحن نشهد إقبال شرائح واسعة في المجتمع على إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة.
وفي الإطار ذاته كان اعتماد المجلس الوزاري للخدمات لوثيقة التربية الوطنية التي كان قد ناقشها من قبل تأكيداً لهذا الاهتمام الرفيع بالمناهج، لا سيما الخاصة بالتربية الوطنية والمواد التعليمية المتعلقة ببيئة وتاريخ دولة الإمارات.
وأعتقد أن الوقت قد حان لمناقشة قضية المناهج الوطنية بكل شفافية ومسؤولية؛ لأنها في المقام الأول والأخير مسألة تتعلق ببناء الأجيال وتنشئتهم على أسس راسخة ومتينة تعزز الهوية الوطنية والتلاحم الوطني والقيم الأصيلة التي يقوم عليها مجتمع الإمارات والمستندة على موروث غني، ويستلهم جذوره العربية ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ومنظومة المبادئ والنهج الذي قامت عليه إمارات الخير والمحبة وتكريس ثقافة التسامح والتعايش والانفتاح على الحضارات والثقافات بعيداً عن التعصب والانغلاق.