شهر رمضان شهر خير ورحمة وألفة ، شهر تتعدد فيه المجالس الرمضانية ويلتقي الأحبة والأصدقاء والأقرباء ، ويكثر تردد اهل الحاجة على المجالس لطلب الرزق ، بعض تلك المجالس يكثر فيها اللهو للتسلية وتمرير الوقت كما يقول البعض، وبعضها تدور فيه حوارات في مواضيع شتى . زرت مجلس الصديق (ابو معيض ) وكان رواده يتحدثون عن التعليم والامية وتردي المعرفة عند مخرجات التعليم سواء العام او الجامعي ، وزاد الامر كأبة ان الرسوم المتحركة المخصصة لبرامج الاطفال المتلفزة والمعربة لا تقدم معرفة لان الرسوم المتحركة اجنبية واللغة معربة بلهجات عربية مختلفة او بلغة عربية فصيحة لا تتناسب وعمر الطفل المتلقي لكن باصوات نشاز تكاد لا تفهم ما يقال .وجه السؤال الي من صاحب الدار عن رأيي فيما يدور من حديث قلت : العملية التعليمية منظومة متكاملة لا يمكن ان تاخذ القراءة والكتاب فقط وتترك بقية تلك العملية المتكاملة ، بكل اختصار التعليم ليس قراءة وكتابة فقط ، والامية ليست منصبة على من لا يعرف القراءة والكتابة ، التعليم اتسعت دائرته وكذلك الامية ، ويمكن القول ان من لا يعرف استخدام الحاسوب اليوم يدخل في خانة الاميين في هذا المجال ، والذي يملك سيارة اخر موديل ولا يعرف يتعامل مع اليات التشغيل فانه في عداد الاميين هنا.
اما التعليم فانه عندي يعني سلسلة من العمليات التلقينية في مرحلة من مراحل العمر عند الاسان . في مرحلة تلقين يتلقاها الانسان منذ الطفولة من الابوين والاسرة اي ان ابويه يلقناه نطق المفردات بطريقة صحيحة ، ويلقناه السلوك الصحيح في تعامله مع ادوات العابه ومع اخوانه الاكبر والاصغر منه سنا .
( 2 )
في الدول المتقدمة كما كنا نشاهد في اسفارنا تصطحب الاسره اطفالها مرة في الاسبوع الى المطعم ليتعودوا على الاختلاط بالاخر وتعويد الطفل على حريته في اختيار وجبة طعامه ، تلك المطاعم لديها قائمتان للطعام الاولى للراشدين ، وقائمة اخرى للاطفال مادون سن العاشرة ، وعند ما يريد احد الابوين شراء العاب لاطفاله فانه يصطحبهم الى المحل المخصص لبيع العاب الاطفال ويترك الطفل يختار العابه واذا اصر على لعبة ليست في مستوى سنه فان الاب / الام يتدخل ليشرح الاسباب التي تحد من شراء تلك اللعبة . بمعنى اخر فاننا اشركنا الطفل في اختيار طعامه والعابه ، مع التدخل الغير مخل في اختياراته.
وكذلك الحال في محلات بيع الكتب في الغرب والشرق، هناك يوجد قسم لكتب الاطفال ، وعلى كل غلاف يحدد عمر الطفل الذي له الحق في اختيار الكتاب لمناسب مع مستواه العمري وعدد المفردات اللغوية التي تعلمها .، بمعنى اخر ان الكتاب يتطور بتطور المرحلة التعليمية من رياض الاطفال الى المستوى الخامس او السادس والسابع ... الخ . هذا النوع من الكتب تحتوي على قصص قصيرة ومشوقة لكنها هادفة .
(3)
في عالمنا العربي هذه الظاهرة تكاد تكون منعدمة على وجه الاطلاق ، واذا وجدت كتب دينية او تاريخية او اجتماعية تتحدث عن عالمنا العربي والاسلامي موجهة في الاساس للاطفال فانها تكتب بلغة الراشدين ولا يوخذ في الاعتبار المستوى التعليمي للطفل ، الامر الثاني في هذه الكتب المخصصة لللاطفال ان كلماتها ليست معربة ( اي مشكلة بحركات الاعراب ) ليتعلم الطفل مادون العاشرة النطق الصحيح باللغة العربية نطقا سليما ، اذكر امثله من المكتبات " دار العلوم تصدر سلسلة من الكتب تحت عنوان " سلسلة اروع القصص من احاديث الرسول علية الصلاة والسلام " انها سلسلة متميزة لكن غاب عنها امران الاول انه لا توجد ( حركات الاعراب )على الاحرف ليتعلم الطالب النطق الصحيح ليتدرب علية ليصبح لسانه لا اعوجاج فيه ويصبح النطق السليم سليقة لا تكلف فيها ولا تصنع عند التحدث باللغة العربية . الامر الثاني ان الكاتب او دار النشر لم ياخذ في الاعتبار العمر الزمني للقاري فعاملت الراشد والشاب معاملة واحدة دون تمييز وهنا يتم دمج القدرات الاستيعابية فتصبح المهمة الحقيقية لدار النشر الربح ، يكون الهدف الاسمى للكاتب ودار النشر على حد سواء . المثال الثاني : السلسة التي تصدرها دار الريشة ، تواجه ذات الخطاء المشار اليه اعلاه . اذا تناولنا سلسلة السيرة النبوية ( الطبعة الميسرة ) التي تصدرها دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني فانها لا تتناسب وقدرات اطفالنا ، وحتى شبابنا في المرحلة الاعدادية لصعوبة المفردات وكان الاولى تبسيط هذه السيرة العطرة ليستوعبها الاطفال في المرحلة الابتدائية التي هي اهم مرحلة للتنشيئة ، لكي يستوعبوا ما يقرأون . .
اخر القول : كان نقاشا محتدما حول التعليم ومخرجاته ، وضعف اللغة العربية عند ابناءنا ، وعدم معرفتهم لتاريخ الامة العربية والاسلامية، وكذلك سيرة نبينا علية الصلاة والسلام .طال الحديث واقتربة مائدة " الغبقة " الغبوق ، وتفرقنا وبقي الهم في اذهاننا الى ان يتم اصلاحه .