ناقش مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته 26 المنعقدة في دولة قطر من 4-8 من هذا الشهر موضوع الذكاء الاصطناعي ضمن ثمانية موضوعات أخرى كانت محل البحث من قبل أعضائه وخبرائه، وكان لهذا الموضوع حظه من البحث والنقاش، حيث قُدم فيه 33 بحثاً لبحث جوانبه المختلفة من حيث تصوره وأنواعه وما يقدمه من خدمات، ومن حيث الأحكام المتعلقة بآثاره، فضلاً عن موقف الأمة الإسلامية منه، وأن الواجب الكفائي يحتم عليها أن تسابق الزمن لتعلمه وتعليمه والاستفادة منه، لا أن تكون متأخرة فيه وعالة على غيرها.
وقد أجمعت كلمات الباحثين والمتداخلين على أهمية هذا العلم الحديث، وأن التأخر فيه يعني تأخراً في التطور ومسايرة الواقع الذي يفرضه هذا الذكاء، أما من حيث ما يترتب على استخدامه من أحكام، كآثار إخفاقه في التشخيص الطبي، أو عدم وضع الدواء في موضع الداء، أو ما ينتجه من حوادث السير، أو غير ذلك مما يكون له أثر في ضمان الحقوق والمتلفات، فقد كان محل بحث واجتهاد، فمن الذي يتحمل الضمان؟ المبرمج أم الطبيب، أم مستخدم السيارة، أم شركة التصنيع؟ وكل ذلك محتمل، ولتنزيل الأحكام على ذلك أصل في الفقه الإسلامي عند بحثهم لضمان الطبيب، أو المفرط في الصنعة، أو الاستخدام، وتبقى دائرة الاجتهاد لمن يلي القضاء أو الجهات المعنية محل اعتبار يمكن أن تهتدي لمن يحمل عِبء ضمان المتلفات.
وقد خرج المجمع بقرارات صائبة ستكون محل اعتبار عند بحث من يتحمل مسؤولية ضمان الآثار السلبية لهذا الذكاء.
والمهم في الأمر هو أن على الدول الإسلامية أن تسارع الخطى لجعل هذا الذكاء محل اهتمام وتطبيق في التعليم وواقع حياتها الإدارية والاجتماعية، لتواكب حضارة اليوم، لا أن تبقى في واقع الأمس، فتكون متخلفة عن ركب الحضارة والتقدم الصناعي والتكنولوجي.
ولا ريب أن بحث هذا الموضوع المستجد في مجمع الفقه الإسلامي الدولي من قبل المختصين والفقهاء والمفكرين يحسب للمجمع، لمسايرته بحث المستجدات التي تتطلب معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا المستجد العلمي، والابتكار البشري الفائق السرعة، فإن المسلم كما أنه يُعنى بالعلوم من حيث المعرفة والإدراك، كذلك يُعنى بمعرفة ما يرتبط بهذه العلوم من أحكام لابد له من معرفتها، لاسيما ما يتعلق بحقوق الآدميين التي هي مبنية على المشاحة والاستقصاء، وإنما يبين ذلك الفقهاء بعد تصور واقع الأمر المستجد الذي هو محل اجتهاد ونظر.
وبالله التوفيق