«تمنيت» لو كان من بين المسافرين ألماني، وأربعة أميركيين، وكندي، وأسترالي، وسبعة من دول شينغن، وعائلة إسرائيلية، لكان ارتفع ثمن الإنسان وقتها كثيراً، ولكانت شركة الطيران احترمت من كانت تحملهم، وضيعتهم في المحيط، وضيعت مستقبل عائلاتهم، ولكانت شركة التأمين عرفت مع من تتعامل، لكن دولًا لا تعترف بقيمة إنسانها، حق أن يعاملها الآخرون بالمهانة والإذلال ذاته، ولو عرضوا عليها خمسة آلاف دولار ثمناً لرأس مواطنها، وهو رقم ربما ستقتطع منه بعض الدولارات لضريبة الوفاة، والميراث.
وقد جرت بعض الحوادث لبعض من الطائرات التابعة لدول منكوبة ديمقراطياً، واقتصادياً، وسياسياً، فعوضت رؤوس الأوروبيين بمئات الآلاف، وعوضت رؤوس مواطنيها ببضعة آلاف، ومرة جرجروا القذافي ودفع مليارات للأسر الأميركية، وفي أوروبا محام واحد ممكن أن يجعل شركات طيران آسيوية تحترم نفسها، وتعوض الأضرار المادية والمعنوية والأضرار النفسية للمعيل وعائلته، وهو أقل ما يمكن أن يحصللوا عليه، بعد الإيمان بالقضاء والقدر، فمسؤوليات الأسر والأبناء وتعليمهم ورايتهم، هي ذنب يقع على المسبب، فلما نضيف لهموم الأسر، همّ العيش الضنك، وقصر ذات اليد؟ التعويض الناقص لا يليق بالإنسان الذي لا يعوض أساساً، ولا يليق بشركة وطنية تحترم نفسها، وتتعامل مع نفوس بشرية في كل عملها، ولا يليق بدول تنضوي تحت راية الأمم المتحدة، وموقعة ميثاق حقوق الإنسان، وتعد نفسها من الدول الساعية للتطور والرقي عالمياً، ومن الدول الإسلامية العظمى، مثل ماليزيا.
أما الموقف الصيني، فهو أمر مريب، وكأن الأمر لا يعنيها، وليس ثمة مسألة وطنية، وكنت أعتقد في البداية أن الموقف الصيني غير واضح لنقص التوارد الخبري، وملاحقته، وقصور الإعلام الصيني غير المنفتح، وأنه يمكن أن يكون هناك اهتمام محلي، باعتبار أن الصين يهمها المحلي والاستهلاك الإعلامي المحلي، لكن هذه المسألة دولية، ويهمها أن توصل موقفها للعالم بأسره، والذي ما زال يتابع تلك الطائرة الماليزية اللغز!